.الفصل التاسع والخمسون: في ترفع أهل المراتب عن انتحال الشعر:
اعلم أن الشعر كان ديوانا للعرب فيه علومهم وأخبارهم وحكمهم وكان رؤساء العرب منافسين فيه وكانوا يقفون بسوق عكاظ لإنشاده وعرض كل واحد منهم ديباجته على فحول الشأن وأهل البصر لتمييز حوله حتى انتهوا إلى المناغاة في تعليق أشعارهم بأركان البيت الحرام موضع حجهم وبيت أبيهم إبراهيم كما فعل امرؤ القيس ابن حجر والنابغة الذبياني وزهير بن أبى سلمى وعنترة بن شداد وطرفة بن العبد وعلقمة بن عبدة والأعشى وغيرهم من أصحاب المعلقات السبع فإنه إنما كان يتوصل إلى تعليق الشعر بها من كان له قدرة على ذلك بقومه وعصبته ومكانه في مضر على ما قيل في سبب تسميتها بالمعلقات ثم انصرف العرب عن ذلك أول الإسلام بما شغلهم من أمر الدين والنبؤة والوحي وما أدهشهم من أسلوب القرآن ونظمه فأخرسوا عن ذلك وسكتوا عن الخوض في النظم والنثر زمانا ثم استقر ذلك وأونس الرشد من الملة ولم ينزل الوحي في تحريم الشعر وحظره وسمعه النبي صلى الله عليه وسلم وأثاب عليه فرجعوا حينئذ إلى ديدنهم منه وكان لعمر بن أبي ربيعة كبير قريش لذلك العهد مقامات فيه عالية وطبقة مرتفعة وكان كثيرا ما يعرض شعره على ابن عباس فيقف لاستماعه معجبا به ثم جاء من بعد ذلك الملك الفحل والدولة العزيزة وتقرب إليهم العرب بأشعارهم يمتدحونهم بها ويجيزهم الخلفاء بأعظم الجوائز على نسبة الجودة في أشعارهم ومكانهم من قومهم ويحرصون على استهداء أشعارهم يطلعون منها على الآثار والأخبار واللغة وشرف اللسان والعرب يطالبون ولدهم بحفظها ولم يزل هذا الشأن أيام بني أمية وصدرا من دولة بني العباس وانظر ما نقله صاحب العقد في مسامرة الرشيد للأصمعي في باب الشعر والشعراء تجد ما كان عليه الرشيد من المعرفة بذلك والرسوخ فيه والعناية بانتحاله والتبصر بجيد الكلام ورديئه وكثرة مخفوظه منه ثم جاء خلق من بعدهم لم يكن اللسان لسانهم من أجل العجمة وتقصيرها باللسان وإنما تعلموه صناعة ثم مدحوا بأشعارهم أمراء العجم الذين ليس اللسان لهم طالبين معروفهم فقط لا سوى ذلك من الأغراض كما فعله حبيب والبحتري والمتنبئ وابن هانئ ومن بعدهم وهلم جرا فصار غرض الشعر في الأغلب إنما هو الكذب والاستجداء لذهاب المنافع التي كانت فيه للأولين كما ذكرناه آنفا وأنف منه لذلك أهل الهمم والمراتب من المتأخرين وتغير الحال وأصبح تعاطيه هجنة في الرئاسة ومذمة لأهل المناصب الكبيرة والله مقلب الليل والنهار.
.الفصل الستون: في أشعار العرب وأهل الأمصار لهذا العهد:
اعلم أن الشعر لا يختص باللسان العربي فقط بل هو موجود في كل لغة سواء كانت عربية أو عجمية وقد كان في الفرس شعراء وفي يونان كذلك وذكر منهم أرسطو في كتاب المنطق أوميروس الشاعر وأثنى عليه وكان في حمير أيضا شعراء متقدمون ولما فسد لسان مضر ولغتهم التي ذونت مقاييسها وقوانين إعرابها وفسدت اللغات من بعد بحسب ما خالطها ومازجها من العجمة فكانت تحيل العرب بأنفسهم لغة خالفت لغة سلفهم من مضر في الإعراب جملة وفي كثير من الموضوعات اللغوية وبناء الكلمات وكذلك الحضر أهل الأمصار نشأت فيهم لغة أخرى خالفت لسان مضر في الإعراب وأكثر الأوضاع والتصاريف وخالفت أيضا لغة الجيل من العرب لهذا العهد واختلفت هي في نفسها بحسب اصطلاحات أهل الآفاق فلأهل الشرق وأمصاره لغة غير لغة أهل المغرب وأمصاره وتخالفهما أيضا لغة أهل الأندلس وأمصاره ثم لما كان الشعر موجودا بالطبع في أهل كل لسان لأن الموازين على نسبة واحدة في أعداد المتحركات والسواكن وتقابلها موجودة في طباع البشر فلم يهجر الشعر بفقدان لغة واحدة وهي لغة مضر الذين كانوا فحولة وفرسان ميدانه حسبما اشتهر بين أهل الخليقة بل كل جيل وأهل كل لغة من العرب المستعجمين والحضر أهل الأمصار يتعاطون منه ما يطاوعهم في انتحاله ورصف بنائه على مهيع كلامهم فأما العرب أهل هذا الجيل المستعجمون عن لغة سلفهم من مضر فيعرضون الشعر لهذا العهد في سائر الأعاريض على ما كان عليه سلفهم المستعربون ويأتون منه بالمطولات مشتملة على مذاهب الشعر وأغراضه من النسيب والمدح والرثاء والهجاء ويستطردون في الخروج من فن إلى فن في الكلام وربما هجموا على المقصود لأول كلامهم وأكثر ابتدائهم في قصائدهم باسم الشاعر ثم بعد ذلك ينسبون فأهل أمصار المغرب من العرب يسمون هذه القصائد بالأصمعيات نسبة إلى الأصمعي راوية العرب في أشعارهم وأهل المشرق من العرب يسمون هذا النوع من الشعر بالبدوي والحورانى والقيسي وربما يلحنون فيه ألحانا بسيطة لا على طريقة الصناعة الموسيقية ثم يغنون به ويسمون الغناء به باسم الحوراني نسبة إلى حوران من أطراف العراق والشام وهي من منازل العرب البادية ومساكنهم إلى هذا العهد ولهم فن آخر كثير التداول في نظمهم يجيئون به معصبا على أربعة أجزاء يخالف آخرها الثلاثة في رويه ويلتزمون القافية الرابعة في كل بيت إلى آخر القصيدة شبيها بالمربع والمخمس الذي أحدثه المتأخرون من المولدين ولهؤلاء العرب في هذا الشعر بلاغة فائقة وفيهم الفحول والمتأخرون والكثير من المنتحلين للعلوم لهذا العهد وخصوصا علم اللسان يستنكر صاحبها هذه الفنون التي لهم إذا سمعها ويمج نظمهم إذا أنشد ويعتقد أن ذوقه إنما نبا عنها لاستهجانها وفقدان الإعراب منها وهذا إنما أتى من فقدان الملكة في لغتهم فلو حصلت له ملكة من ملكاتهم لشهد له طبعة وذوقه ببلاغتها إن كان سليما من الآفات في فطرته ونظره وإلا فالإعراب لا مدخل له في البلاغة إنما البلاغة مطابقة الكلام للمقصود ولمقتضى الحال من الوجود فيه سواء كان الرفع دالا على الفاعل والنصب دالا على المفعول أو بالعكس وإنما يدل على ذلك قرائن الكلام كما هو في لغتهم هذه فالدلالة بحسب ما يصطلح عليه أهل الملكة فإذا عرف اصطلاح في ملكة واشتهر صحة الدلالة وإذا طابقت تلك الدلالة المقصود ومقتضى الحال صحت البلاغة ولا عبرة بقوانين النحاة في ذلك وأساليب الشعر وفنونه موجودة في أشعارهم هذه ما عدا حركات الإعراب في أواخر الكلم فإن غالب كلماتهم موقوفة الآخر ويتميز عندهم الفاعل من المفعول والمبتدأ من الخبر بقرائن الكلام لا بحركات الإعراب.فمن أشعارهم على لسان الشريف بن هاشم يبكي الجارية بنت سرحان ويذكر ظعنها مع قومها إلى المغرب:
قال الشريف ابن هاشم علي ** ترى كبدي حرى شكت من زفيرهايغز للإعلام أين ما رأت خاطري ** يرد غلام البدو يلوي عصيراوماذا شكاة الروح مما طرا لها ** عداة وزائع تلف الله خبيرهايحس إن قطاع عامر ضميرها ** طوى وهند جافي ذكيرهاوعادت كما خوارة في يد غاسل ** على مثل شوك الطلح عقدوا يسيرهاتجابذوها اثنين والنزع بينهم ** على شوك لعه والبقايا جريرهاوباتت دموع العين ذارفات لشانها ** شبيه دوار السواني يديرهاتدارك منها النجم حذرا وزادها ** مرون يجي متراكبا من صبيرهايصب من القيعان من جانب الصفا ** عيون ولجاز البرق في غزيرهاهاذا الغنى حتى تسابيت غزوة ** ناضت من بغداد حتى فقيرهاونادى المنادي بالرحيل وشدوا ** وعرج عاريها على مستعيرهاوشد لها الأدهم دياب بن غانم ** على أيدين ماضي وليد مقرب ميرهاوقال لهم حسن بن سرحان غزبوا ** وسوقوا النجوع إن كان أنا هو غفيرهاويركض وبيده شهامه بالتسامح ** وباليمين لا يجدوا في مغيرهاغدرني زيان السيح من عابس ** وما كان يرضى زين حمير وميرهاغدرني وهو زعما صديقي وصاحبي ** وأناليه ما من درقتي ما يديرهاورجع يقول لهم بلال بن هاشم ** بحرالبلادالعطشى ما بخيرهاحرام علي باب بغداد وأرضها ** داخل ولا عائد ركيره من نعيرهاتصدف روحي عن بلاد بن هاشم ** على الشمس أوحول الغظامن هجيرهاوباتت نيران العذارى قوادح ** يلوذ وبجرجان يشدوا أسيرهاومن قولهم في رثاء أمير زناتة أبي سعدى اليفرني مقارعهم بأفريقية وأرض الزاب ورثاؤهم له على جهة التهكم:
تقول فتاة الحي سعدى وهاضها ** لها في ظعون الباكرين عويلأيا سائلي عن قبر الزناتي خليفه ** خذ النعت مني لا تكون هبيلتراه يعالي وادي ران وفوقه ** من الربط عيساوي بناه طويلأراه يميل النور من شارع النقا ** به الواد شرقا واليراع دليلأيا لهف كبدي على الزناتي خليفه ** قد كان لأعقاب الجياد سليلقتيل فتى الهيجا دياب بن غانم ** جراحه كافواه المزاد تسيلأيا جائزا مات الزناتي خليفه ** لاترحل إلا أن يريذ رحيلألا واش رحلنا ثلاثين مرة ** وعشرا وستا في النهار قليلومن قولهم على لسان الشريف بن هاشم يذكر عتابا وقع بينه وبين ماضي بن مقرب:
تبدى ماضي الجبار وقال لي ** أشكر ما نحنا عليك رضاشأشكر أعد ما بقي ود بيننا ** ورانا عريب عربا لابسين نماشنحن غدينا نصدفو ما قضى لنا ** كما صادفت طعم الزباد طشاشأشكر أعد إلى يزيد ملامه ** ليحدو ومن عمر بلاده عاشإن كان نبت الشوك يلقح بأرضكم ** هنا العرب ما زدنا لهن صياشومن قولهم في ذكر رحلتهم إلى الغرب وغلبهم زناتة عليه:
وأي جميل ضاع لي في الشريف بن هاشم ** وأي رجال ضاع قبلي جميلهالقد كنت أنا وياه في زهو بيتنا ** عناني بحجة ماغباني دليلهاوعدت كأني شارب من مدامة ** من الخمر فهو ما قدر من يميلهاأو مثل شمطامات مظنون كبدها ** غريبا وهي مدوخه عن قبيلهاأتاها زمان السوء حتى تدوحت ** وهي بين عربا غافلا عن نزيلهاكذلك أنا مما لحاني من الوجى ** شاكي بكبد باديتها زعيلهاوأمرت قومي بالرحيل وبكروا ** وقووا وشداد الحوايا حميلهاقعدنا سبعة أيام محبوس نجعنا ** والبدو ماترفع عمود يقيلهانظل على حداب الثنايا نوازي ** يظل الجرى فوق النضا ونصيلهاومن شعر يلطان بن مظفر بن يحيى من الزواودة أحد بطون رياح وأهل الرياسة فيهم يقولها وهو معتقل بالمهدية في سجن الأمير أبي زكريا بن أبي حفص أول ملوك أفريقية من الموحدين:
يقول وفي بوح الدجا بعد وهنة ** حرام على أجفان عيني منامهايا من لقلب حالف الوجد والأسى ** وروح هيامي طال ما في سقامهاحجازية بدوية عربية ** عداوية ولها بعيد مرامهامولعة بالبدو لا تألف القرى ** سوى عانك الوعسا يؤتي خيامهاغيات ومشتاها بها كل شتوة ** ممحونة بيها وبيها صحيح غرامهاومرباها عشب الأراضي من الحيا ** يواتي من الخورالخلايا جسامهاتشوق شوق العين مما تداركت ** عليها من السحب السواري عمامهاوماذا بكت بالما وماذا تناحطت ** عيون غرار المزن عذبا حمامهاكأن عروس البكر لاحت ثيابها ** عليها ومن نور الأقاحي خزامهافلاة ودهنا واتساع ومنة ** ومرعى سوى ما في مراعي نعامهاومشروبها من مخض ألبان شولها ** غنيم ومن لحم الجوازي طعامهاتفانت عن الأبواب والموقف الذي ** يشيب الفتى مما يقاسي زحامهاسقى الله ذا الوادي المشجر بالحيا ** وبلا ويحيى ما بلي من رمامهافكافأتها بالود مني وليتني ** ظفرت بأيام مضت في ركامهاليالي أقواس الصبا في سواعدي ** إذا قمت لم تحظ من أيدي سهامهاوفرسي عديد تحت سرجي مشاقة ** زمان الصبا سرجا وبيدي لجامهاوكم من رداح أسهرتني ولم أرى ** من الخلق أبهى من نظام ابتسامهاوكم غيرها من كاعب مرجحنة ** مطرزة الأجفان باهي وشامهاوصفقت من وجدي عليها طريجة ** بكفي ولم ينسى جداها ذمامهاونار بخطب الوجد توهج في الحشا ** وتوهج لا يطفا من الماء ضرامهاأيا من وعدتي الوعد هذا إلى متى ** فني العمر في دار عماني ظلامهاولكن رأيت الشمس تكسف ساعة ** ويغمى عليها ثم يبدا غيامهابنود ورايات من السعد أقبلت ** إلينا بعون الله يهفو علامهاأرى في الفلا بالعين أظعان عزوتي ** ورمحى على كتفي وسيري أمامهايجرعا عتاق النوق من فوق شامس ** أحب بلاد الله عندي حشامهاإلى منزل بالجعفرية للوى ** مقيم بها مالذ عندي مقامهاونلقى سراة من هلال بن عامر ** يزيل الصدا والغل عني سلامهابهم تضرب الأمثال شرقا ومغربا ** إذا قاتلوا قوما سريع انهزامهاعليهم ومن هو في حماهم تحية ** مدى الدهر ما غنى يفينا حمامهافدع ذا ولا تأسف على سالف مضى ** فذي الدنيا ما دامت لاحد دوامهاومن أشعار المتأخرين منهم قول خالد بن حمزة بن عمر شيخ الكعوب من أولاد أبي الليل يعاتب أقتالهم أولاد مهلهل ويجيب شاعرهم شبل بن مسكيانة بن مهلمهل عن أبيات فخر عليهم فيها بقومه:
يقول وذا قول المصاب الذي نشا ** قوارع قيعان يعانى صعابهايريح بها حادي المصاب إذا سعى ** فنونا من انشاد القوافي عذابهامحيرة مختارة من نشادها ** تحدى بها تام الوشا ملتها بهامغربلة عن ناقد في غضونها ** محكمة القيعان دابي ودابهاوهيض بتذكاري لها يا ذوي الندى ** قوارع من شبل وهذي جوابهااشبل جنينا من حباك طرائفا ** فراح يريح الموجعين الغنا بهافخرت ولم تقصر ولا أنت عادم ** سوى قلت في جمهورها ما أعابهالقولك في أم المتين بن حمزة ** وحامي حماها عاديا في حرابهاأما تعلم أنه قامها بعد ما لقي ** رصاص بني يحيى وغلاق دابهاشهابا من أهل الأمر يا شبل خارق ** وهل ريت من جا للوغى واصطلى بهاسواها طفاها أضرمت بعد طفيه ** وأثنى طفاها جاسرا لا يهابهاواضرمت بعد الطفيتين ألن صحت ** لفاس إلى بيت المنى يقتدى بهاوبان لوالي الأمر في ذا انشحابها ** فصار وهي عن كبر الاسنة تهابهاكما كان هو يطلب على ذا تجنبت ** رجال بني كعب الذي يتقى بهامنها في العتاب:
وليدا تعاتبتوا أنا أغنى لأنني ** غنيت بمعلاق الثنا واغتصابهاعلي ونا ندفع بها كل مبضع ** بأسياف ننتاش العدا من رقابهافإن كانت الأملاك بغت عرايس ** علينا بأطراف القنا اختضابهاولا بعدها الارهاف وذبل ** وزرق كالسنة الحناش انسلابهابني عمنا ما نرتضي الذل غلمه ** تسير السبايا والمطايا ركابهاوهي عالما بأن المنايا تنيلها ** بلا شك والدنيا سريع انقلابنهاومنها في وصف الظعائن:
قطعنا قطوع البيد لا نختشي العدا ** فتوق بحوبات مخوف جنابهاترى العين فيها قل لشبل عرائف ** وكل مهاة محتظيها ربابهاترى أهلها غب الصباح أن يفلها ** بكل حلوب الجوف ما سد بابهالها كل يوم في الأرامي قتائل ** ورا الفاجر الممزوج عفو رضابهاومن قولهم في الأمثال الحكمية:
وطلبك في الممنوع منك سفاهة ** وصدك عمن صد عنك صوابإذا رأيت أناسا يغلقوا عنك بابهم ** ظهور المطايا يفتح الله بابومن قول شبل يذكر انتساب الكعوب إلى برجم:
لشيب وشبان من أولاد برجم ** جميع البرايا تشتكي من ضهادهاومن قول خالد يعاتب إخوانه في موالاة شيخ الموحدين أبي محمد بن تافراكين المستبد بحجابة السلطان بتونس على سلطانها مكفولة أبي إسحاق ابن السلطان أبي يحيى وذلك فيما قرب من عصرنا:
يقول بلا جهل فتى الجود خالد ** مقالة قوال وقال صوابمقالة حبر ذات ذهن ولم يكن ** هريجا ولا فيما يقول ذهابتهجست معنا نابها لا لحاجة ** ولا هرج ينقاد منه معابوكنت بها كبدي وهي نعم صابة ** حزينة فكر والحزين يصابتفوهت بادي شرحها عن مآرب ** جرت من رجال في القبيل قراببني كعب أدنى الأقربين لدمنا ** بني عم منهم شايب وشبابجرى عند فتح الوطن منا لبعضهم ** مصافاة ود واتساع جنابوبعضهم ملنا له عن خصيمه ** كما يعلموا قولي بقيه صوابوبعضهمو مرهوب من بعض ملكنا ** جزاعا وفي جو الضمير كتابوبعضهمو جانا جريحا تسمحت ** خواطر منها للنزيل وهابوبعضهمو نظار فينا بسوة ** نقهناه حتى ماعنا به سابرجع ينتهي مما سفهناقبيحه ** مرارا وفي بعض المرار يهابوبعضهمو شاكي من أوغاد قادر ** غلق عنه في أحكام السقائف بابفصمناه عنه واقتضي منه مورد ** على كره مولى البالقي وديابونحن على دافي المدى نطلب العلا ** لهم ما حططنا للفجور نقابوحزنا حمى وطن بترشيش بعدما ** نفقنا عليها سبقا ورقابومهد من الأملاك ما كان خارجا ** على أحكام والي أمرها له ناببردع قروم من قروم قبيلنا ** بني كعب لاواها الغريم وطابجرينا بهم عن كل تاليف في العدا ** وقمنا لهم عن كل قيد منابإلى أن عاد من لا كان فيهم بهمة ** ربيها وخيراته عليه نصابوركبوا السبايا المثمنات من أهلها ** ولبسوا من أنواع الحرير ثيابوساقوا المطايا يالشرا لا نسوا له ** جماهير ما يغلو بها بجلابوكسبوا من أصناف السعايا ذخائر ** ضخام لحزات الزمان تصابوعادوا نظير البرمكيين قبل ذا ** وإلا هلالا في زمان ديابوكانوا لنا درعا لكل مهمة ** إلى أن بان من نار العدو شهابوخلوا الدار في جنح الظلام ولا اتقوا ** ملامه ولا دار الكرام عتابكسوا الحيى جلباب البهيم لستره ** وهم لو دروا لبسوا قبيح جبابكذلك منهم حانس ما دار النبا ** ذهل حلمي إن كان عقله غابيظن ظنونا ليس نحن بأهلها ** تمنى يكن له في السماح شعابخطا هو ومن واتاه في سو ظنه ** بالاثبات من ظن القبايح عابفوا عزوتي إن الفتى بو محمد ** وهوب لآلاف بغير حسابوبرحت الأوغاد منه ويحسبوا ** بروحه ما يحيى بروح سحابجروا يطلبوا تحت السحاب شرائع ** لقوا كل ما يستاملوه سرابوهو لو عطى ما كان للرأي عارف ** ولا كان في قلة عطاه صوابوإن نحن ما نستاملوا عنه راحة ** وإنه باسهام التلاف مصابوإن ما وطا ترشيش يضياق وسعها ** عليه ويمشي بالفزوع لزابوإنه منها عن قريب مفاصل ** خنوج عناز هوالها وقبابوعن فاتنات الطرف بيض غوانج ** ربوا خلف أستار وخلف حجابيتيه إذا تاهوا ويصبوا إذا صبوا ** بحسن قوانين وصوت ربابيضلوه عن عدم اليمين وربما ** يطارح حتى ما كأنه شاببهم حازله زمه وطوع أوامر ** ولذة مأكول وطيب شرابحرام على ابن تافركين ما مضى ** من الود إلا ما بدل بحرابوإن كان له عقل رجيح وفطنة ** يلجج في اليم الغريق غرابوأما البدا لا بدها من فياعل ** كبار إلى أن تبقى الرجال كبابويحمي بها سوق علينا سلاعه ** ويحمار موصوف القنا وجعابويمسي غلام طالب ريح ملكنا ** ندوما ولا يمسي صحيح بنابأيا واكلين الخبز تبغوا أدامه ** غلطتوا أدمتوا في السموم لبابومن شعر علي بن عمر بن إبراهيم من رؤساء بني عامر لهذا العهد أحد بطون زغبة يعاتب بني عمه المتطاولين إلى رياسته:
محبرة كالدر في يد صانع ** إذا كان في سلك الحرير نظامأباحها منها فيه أسباب ما مضى ** وشاء تبارك والضعون تسامغدا منه لام الحي حيين وانشطت ** عصاها ولا صبنا عليه حكامولكن ضميري يوم بان بهم إلينا ** تبرم على شوك القتاد براموإلا كأبراص التهامي قوادح ** وبين عواج الكانفات ضراموإلا لكان القلب في يد قابض ** أتاهم بمنشار القطيع غشاملما قلت سما من شقا البين زارني ** إذا كان ينادي بالفراق وخامألا يا ربوع كان بالأمس عامر ** بيحيى وحله والقطين لماموغيد تداني للخطا في ملاعب ** دجى الليل فيهم ساهر ونيامونعم يشوف الناظرين التحامها ** لنا ما بدا من مهرق وكظاموعرود باسمها ليدعو لسربها ** ولإطلاق من شرب المها ونعامواليوم ما فيها سوى البوم حولها ** ينوح على اطلال لها وخياموقفنا بها طورا طويلا نسالها ** بعين سخينا والدموع سجامولا صح لي منها سوى وحش خاطري ** وسقمي من أسباب إن عرفت أوهامومن بعد ذا تدى لمنصور بو علي ** سلام ومن بعد السلام سلاموقولوا له يا بو الوفا كلح رأيكم ** دخلتم بحور غامقات دهامزواخر ما تنقاس بالعود إنما ** لها سيلات على الفضا وأكامولا قمستمو فيها قياسا يدلكم ** وليس البحور الطاميات تعاموعانوا على هلكاتهم في ورودها ** من الناس عدمان العقول لئامأيا عزوة ركبوا الضلالة ولا لهم ** قرار ولا دنيا لهن دوامألا غناهمو لو ترى كيف زايهم ** مثل سراب فلاه ما لهن تمامخلو القنا يبغون في مرقب العلا ** مواضع ماهيا لهم بمقاموحق النبي والبيت وأركانه العلى ** ومن زارها في كل دهر وعاملبر الليالي فيه إن طالت الحيا ** يذوقون من خمط الكساع مدامولا بزها تبقى البوادي عواكف ** بكل رديني مطرب وحساموكل مسافة كالسد إياه عابر ** عليها من أولاد الكرام غلاموكل كميت يكتعص عض نابه ** يظل يصارع في العنان لجاموتحمل بنا الأرض العقيمة مدة ** وتولدنا من كل ضيق كظامبالأبطال والقود الهجان وبالقنا ** لها وقت وجنات البدور زحامأتجحدني وأنا عقيد نقودها ** وفي سن رمحي للحروب علامونحن كاضراس الموافي بنجعكم ** حتى يقاضوا من ديون غراممتى كان يوم القحط يا مير أبو علي ** يلقى سعايا صايرين قدامكذلك بو حمو إلى اليسر ابعته ** وخلى الجياد العاليات تساموخل رجالا لا يرى الضيم جارهم ** ولا يجمعوا بدهى العدو زفامألا يقيموها وعقد بؤسهم ** وهم عذر عنه دائما ودواموكم ثار طعنها على البدو سابق ** ما بين صحاصيح وما بين حسامفتى ثار قطار الصوى يومنا على ** لنا أرض ترك الظاعنين زماموكم ذا يجيبوا أثرها من غنيمة ** حليف الثنا قشاع كل غياموإن جاء خافوه الملوك ووسعوا ** غدا طبعه يجدى عليه قيامعليكم سلام الله من لسن فاهم ** ما غنت الورقا وناح حمامومن شعر عرب نمر بنواحي حوران لإمرأة قتل زوجها فبعثت إلى أحلافه من قيس تغريهم بطلب ثأره تقول:
تقول فتاة الحي أم سلامه ** بعين أراع الله من لا رثى لهاتبيت بطول الليل ما تألف الكرى ** موجعة كان الشقا في مجالهاعلى ما جرى في دارها وبو عيالها ** بلحظة عين البين غير حالهافقدنا شهاب الدين يا قيس كلكم ** ونمتوا عن أخذ الثار ماذا مقالهاأنا قلت إذا ورد الكتاب يسرني ** ويبرد من نيران قلبي ذبالهاأيا حين تسريح الذوائب واللحى ** وبيض العذارى ما حميتو جمالها